يؤكد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس” على أن الحق في الحياة هو حق مقدس يجب حمايته وتحصينه، فعقوبة الإعدام بكل تجلياتها وأشكالها تشكل انتهاكاً جسيماً وصارخاً لهذا الحق المقدس الذي كفلته كافة المواثيق الدولية والشرائع السماوية، ودعت لحمايته والمحافظة عليه من تعسف أي سلطة كانت، فبدون الحق للحياة لا وجود للإنسان ولا لحقوقه الأساسية أي وجود، فهو حق أصيل ومتجذر ويكتسبه الإنسان مع ولادته بالفطرة الإنسانية والربانية، وأن سلب هذا الحق من خلال سلطة القانون أو من خلال الإعدام خارج نطاق القانون، فإنه يشكل جريمة ومصادرة لهذا الحق الأصيل الذي وهبه الخالق سبحانه وتعالى لكل البشر وأكدت عليه المعاهدات والقوانين الدولية.
يشدد مركز “شمس” أنه في ظل حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني فإن تلك الجرائم تشكل عمليات إعدام منظمة خارج نطاق القانون بحق الآلاف من الأبرياء من المدنيين الفلسطينيين أمام صمت المجتمع الدولي، فقد بلغ عدد الفلسطينيين في قطاع غزة الذين أعدمهم الاحتلال ليرتقوا شهداء إلى عليين منذ7/10/2023م حوالي(41909) غالبيتهم من النساء والأطفال، وفي الضفة الغربية حوالي (743) شهيد، إضافة إلى إعدام (40) أسير في سجون الاحتلال من خلال التعذيب والتنكيل والإهمال الطبي من الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي ال48، ليرتكب الاحتلال جرائم الإعدام تلك بكل فظاعتها وأهوالها والتي لم تحصل في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في العام 1945م.
يؤكد مركز “شمس” على أن ما يقوم به الاحتلال من جرائم إعدام منظمة خارج نطاق القانون بحق المدنيين الفلسطينيين يشكل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني لاسيما لاتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12/8/1949م، إذ نصت المادة رقم (15) من تلك الاتفاقية على (حماية الأشخاص الذين لا يشتركون في الأعمال العدائية ولا يقومون بأي عمل له طابع عسكري أثناء إقامتهم في مناطق النزاع)، وانتهاك للإعلان بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة لسنة 1974م والذي (يحظر الاعتداء على المدنيين وقصفهم بالقنابل، الأمر الذي يلحق آلاماً لا تحصى بهم، وخاصة بالنساء والأطفال الذين هم أقل أفراد المجتمع مناعة، وتدان هذه الأعمال التي تسبب خسائر جسيمة بالسكان المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال العزل من وسائل الدفاع عن النفس، ويكون محل إدانة شديدة)، وانتهاك للإعلان العالمي لحقوق الإنسان لاسيما للمادة رقم (3) منه والتي تنص على (لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه)، وللعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وخاصة المادة رقم (6) والتي تنص على (الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان. وعلى القانون أن يحمى هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً)، وللبرتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والخاص بإلغاء عقوبة الإعدام وللاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب لسنة 1984م.
يذكر مركز “شمس” أن اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الذي يصادف (10/10) من كل عام يأتي هذا العام أيضاً في ظل استمرار دولة فلسطين في عدم وفائها بالتزاماتها الدولية والناتجة عن انضمامها للبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام والذي انضمت إليه دولة في فلسطين في 18/3/2019م ، إذ بقيت التشريعات الفلسطينية تنص صراحة على عقوبة الإعدام ولم يتم موائمتها مع ما جاء في هذا العهد، استناداً إلى ما جاء في المادة رقم (1/2) من البروتوكول والتي تفرض على الدول الموقعة على هذا البروتوكول اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة لإلغاء عقوبة الإعدام، إضافة إلى ما نص عليه القانون الأساسي الفلسطيني في المادة رقم (10) في أن (حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ملزمة وواجبة الاحترام، وتعمل السلطة الوطنية الفلسطينية دون إبطاء للانضمام إلى المعاهدات والمواثيق الإقليمية والدولية التي تحمي حقوق الإنسان)، وتنص المادة رقم ( 109) في أنه (لا يتم تنفيذ حكم الإعدام الصادر عن أي محكمة إلا بعد التصديق عليه من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية)، إلا أنه مازالت المحاكم الفلسطينية تصدر أحكام الإعدام، وقد تم تنفيذ الكثير من هذه الأحكام في السنوات الماضية في قطاع غزة دون مصادقة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية عليها في انتهاك جسيم وواضح للقانون الأساسي الفلسطيني.
يشير مركز “شمس” إلى أن بقاء عقوبة الإعدام في التشريعات الفلسطينية لن يحقق الهدف المنشود منها لأن تلك العقوبة تشكل مصادرة لحق الحياة وهذا له تأثير سلبي على ثقافة المجتمع وتماسكه ويشكل نوع من القسوة والتحريض داخل المجتمع ويغذي الكراهية بين أفراده، وقد يؤدي إلى ردات فعل انتقامية وانتشار المشاكل وليس حصرها، وقد يكون له تأثير في عدم التوازن في العدالة وانتشار الظلم والتمييز وانتشار العنف في المجتمع.
يطالب مركز “شمس” بصفته رئيس الائتلاف الفلسطيني لمناهضة عقوبة الإعدام، وكعضو في الائتلاف الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام بضرورة إقرار قانون عقوبات عصري خالي من عقوبة الإعدام يحمي الحق في الحياة لكل مواطن فلسطيني وينسجم مع ما جاء في البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والخاص بإلغاء عقوبة الإعدام ويحل محل قانون العقوبات رقم(74) لسنة 1936م المطبق في محافظات قطاع غزة، وقانون العقوبات الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية لعام وقانون العقوبات رقم(16) لسنة 1960م الساري في محافظات الضفة الغربية ويؤدي إلى توحيد المنظومة القانونية الناظمة لقوانين العقوبات في فلسطين.