يؤكد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس” على أن مناقشة (الكنيست) في دولة الاحتلال لمشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين هو مقدمة لفصل جديد من فصول جرائم القتل المتعمد التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا الفلسطيني ويرتقي إلى جريمة حرب منظمة ، ففي ظل العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية وانشغال العالم بالأعمال العدائية والجرائم التي ترتكب بحق المدنيين الأبرياء واستهداف الأعيان المدنية وخاصة المستشفيات والمدارس والجامعات والكنائس والمساجد ومباني التراث والمؤسسات الحكومية، فإن الاحتلال الإسرائيلي يمعن في جرائمه بحق الشعب الفلسطيني بفصل جديد من تلك الجرائم من خلال مناقشته مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ، والذي يعتبر في حال إقراره بأنه جريمة حرب بغطاء قانوني.
يشدد مركز “شمس” على أن تصريح ما يعرف ب(وزير الأمن القومي) في حكومة الاحتلال المتطرفة إيتمار بن غفير، عن مناقشة لجنة التشريع في الكنيست الإسرائيلي لمشروع قانون “إعدام الأسرى الفلسطينيين يوم الاثنين الموافق 20/11/2023م من أجل طرحه للتصويت بالقراءة الأولى أمام الهيئة العامة للكنيست هو خطوة بالغة الخطورة وتضاف إلى الإجراءات والسياسات التعسفية التي تمارسها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين، ويأتي ضمن اتفاقات الائتلاف الحكومي الحزبية بين الأحزاب الإسرائيلية المتطرفة والتي اشترطت إقرار هذا القانون عند انضمامها للحكومة في نهاية العام 2022م، علماً بأن مشروع القانون ينص على (إيقاع عقوبة الموت بحق كل شخص يتسبب عن قصد أو بسبب اللامبالاة في وفاة مواطن إسرائيلي بدافع عنصري أو كراهية وإلحاق الضرر بإسرائيل).
يندد مركز “شمس” بالممارسات العدوانية التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين والتي تعبر عن مدى الفاشية والوحشية والحقد والإجرام وعن النوايا والأهداف العدوانية الحقيقية للاحتلال الإسرائيلي في إعدام الأسرى الفلسطينيين ومصادرة حقهم في أدنى مقومات الحياة من عدم زيارة الأطباء للأسرى منذ 7/10/2023م علماً بأن هناك حالات مرضية حرجة ومزمنة وبحاجة لمتابعة دائمة، بل تم توقيف الأدوية عن 70 % من المرضى، و الاكتفاء بالمسكنات وبكميات محدودة جداً، وتقديم طعام سيء جداً وغير ناضج ورائحته وطعمه كريه جداً وبكميات قليلة وغير كافية، وعدم السماح للأسرى بالخروج إلى ساحة الفورة، و سحب كافة الأجهزة الكهربائية والأغراض الشخصية والملابس والحرامات والمخدات، وقطع الكهرباء يومياً عن الأقسام، واكتظاظ الغرف إذ أن هناك أسرى ينامون على الأرض، والاعتداءات المتكررة على الأسرى في الغرف بدون سبب، والاقتحامات المتكررة لوحدات التفتيش والقمع بشكل وحشي وهمجي، والحرمان من الكانتين، والحرمان من زيارة المحامين والأهل ، في تعبير عن حالة الاستخفاف واللامبالاة اتجاه القواعد الدولية التي تحمي الأسرى وتحدد الضوابط والقيود في التعامل معهم وخاصة قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء المعروفة باسم “قواعد نيلسون مانديلا” لسنة 2015 والمتعلقة بتحسين ظروف السجون والتعامل مع المعتقلين من المرضى والجرحى والأطفال والنساء، وتوفير البيئة المناسبة والطعام والشراب والدواء والسكن المناسب لكافة المعتقلين.
يدين مركز “شمس” الإجراءات التعسفية التي تقوم بها مصلحة السجون وجيش الاحتلال المتمثلة بالاعتداءات اليومية ضد الأسرى الفلسطينيين ، وبسياسة الإهمال الطبي المتعمد ضد الأسرى ، والتي أفضت تلك الإجراءات عن استشهاد الأسير ثائر أبو عصب يوم السبت الموافق 18/11/2023م والبالغ من العمر (38) عاماً من محافظة قلقيلية والمعتقل في سجن النقب منذ 27/5/2005، ومحكوم بالسّجن لمدة (25) عاماً، ليصبح الأسير الخامس الذي يستشهد في السجون الإسرائيلية منذ 7/10/2023م.
يؤكد مركز “شمس” على أن ما تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين ومحاولة إقرار قانون إعدام الأسرى يعتبر انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني لاسيما لاتفاقية لاهاي لسنة 1907م بشأن احترام قوانين وأعراف الحرب البرية إذ نصت المادة رقم (20) من الاتفاقية على أن (يفرج عن أسرى الحرب ويعادون إلى أوطانهم بأسرع ما يمكن بعد انتهاء العمليات العدائية). ولاتفاقية جنيف الثالثة المؤرخة في 12 آب لسنة 1949م إذ نصت المادة رقم (4) من اتفاقية جنيف الثالثة على أن أسرى الحرب هم (أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع ، والمليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزءً من هذه القوات المسلحة، وأفراد المليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة المليشيات أو الوحدات المتطوعة الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليمهم، حتى لو كان هذا الإقليم محتلاً، وأفراد القوات المسلحة النظامية الذين يعلنون ولاءهم لحكومة أو سلطة لا تعترف بها الدولة الحاجزة، والأشخاص الذين يرافقون القوات المسلحة، وأطقم الطائرات الحربية والمراسلين الحربيين ومتعهدي التموين، وسكان الأراضي غير المحتلة الذين يحملون السلاح من تلقاء أنفسهم عند اقتراب العدو لمقاومة القوات الغازية دون أن يتوفر لهم الوقت لتشكيل وحدات مسلحة نظامية، شريطة أن يحملوا السلاح جهراً وأن يراعوا قوانين الحرب وعاداتها)، إضافة إلى ما جاء في المادة رقم (118) التي تنص على أن (يفرج عن أسرى الحرب ويعادون إلى أوطانهم دون إبطاء بعد انتهاء الأعمال العدائية الفعلية)، والمادة رقم (119) من الاتفاقية والتي تنص على (تتبادل أطراف النزاع أسماء الأسرى الذين يتقرر احتجازهم لغاية انتهاء المحاكمة أو تنفيذ العقوبة، وتتفق أطراف النزاع على تشكيل لجان للبحث عن الأسرى المفقودين وتأمين إعادتهم إلى الوطن في أقرب وقت). جدير بالذكر أن الأسرى الفلسطينيين تنطبق عليهم اتفاقية لاهاي لسنة 1907م واتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، على الرغم من أن مركزهم القانوني لم يحسم من أي جهة قضائية دولية لغاية اللحظة.
يطالب مركز “شمس” هيئة الأمم المتحدة، وأمينها العام، وسفراء الدول المعتمدين لدى دولة الاحتلال ، والتحالف الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام ، والاتحاد البرلماني الدولي، ومنظمة الصليب الأحمر الدولي والمؤسسات الحقوقية الحكومية والغير حكومية، بالقيام بواجباتها القانونية والأخلاقية والضغط على دولة الاحتلال لوقف إقرار هذا القانون الذي يشرعن جريمة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين، ويعتبر جريمة موصوفة في القانون الدولي بأنها جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وانتهاك للمبادئ السامية لهيئة الأمم المتحدة.