مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية شمس

Human Rights and Democracy Media Center SHAMS

يؤكد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس” على أن التنظيم الدولي الذي يحكم العالم هو نتاج الحرب العالمية الثانية، إذ عمل المنتصرون في تلك الحرب على تقاسم النفوذ والسيطرة على القرار السياسي الدولي بينهم على أساس المحاصصة، وهذا النظام القائم منذ الحرب العالمية الثانية أصبح عاجزاً عن مواكبة ومعالجة التغيرات والتطورات الدولية ويشوبه الكثير من الثغرات والانتقادات والتي تستدعي العمل الجاد من كل الأطراف الدولية بالعمل على إصلاح المنظومة الدولية المتحكمة بالقرار السياسي الدولي منذ الحرب العالمية الثانية حتى يومنا هذا، واستخدمت الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي الأمم المتحدة ومؤسساتها كساحة للمناكفات بينها فيما بينها، إذ عملت الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي  بعد انتهاء الحرب الباردة على تسخير واستخدام منظمة الأمم المتحدة لخدمة مصالحها الإقليمية الضيقة وتعزيز سيطرتها ونفوذها في العالم، مستخدمة الأمم المتحدة وأجهزتها كأداة لشرعنة سياساتها التوسعية والعدوانية والاستعمارية على الشعوب الضعيفة نهب خيراتها وثرواتها وإبقاء سيطرتها الدائمة عليها، من جانب آخر استعملت بعض الدول الأمم المتحدة كمظلة من أجل احتلال دول أخرى.

يذكّر مركز “شمس” أن فشل عصبة الأمم في كبح جماح الدول الاستعمارية مثل (ألمانيا وإيطاليا واليابان) في احتلال الشعوب وانتهاكات حقوق الإنسان أدى في لحظة ما إلى انهيار عصبة الأمم وتفكيك المنظومة الدولية ومن ثم قيام الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها الملايين من الضحايا الأبرياء على أيدي الأنظمة الفاشية والاستعمارية، وفي ظل لواقع الحالي لهيئة الأمم المتحدة في الظروف والمرحلة  التي تمر بها، تؤكد بأنها نسخة جديدة عن عصبة الأمم وأنها في طريقها كما يبدو إلى نفس النتيجة الحتمية في التفكك بسبب عدم المصداقية والازدواجية من قبل الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ما لم يكون هناك إصلاح مؤسساتي حقيقي في الأنظمة الخاصة في التنظيم الدولي والسماح بانضمام دول وازنة وذات تأثير كبير إلى مجلس الأمن الدولي مثل (البرازيل، الهند، جنوب أفريقيا)، لإعطاء نوع من الشرعية والمصداقية والتمثيل الحقيقي لكافة الدول والشعوب في العالم من خلال تمثيلها في مجلس الأمن الدولي والتخلص من الاحتكار الإمبريالي الغربي للقرار السياسي العالمي من قبل المنظومة الكولنيالية الإمبريالية الغربية.

 يندد مركز “شمس” بما تقوم به الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وبعض حلفائها من الدول الأعضاء في الجمعية العامة في الأمم المتحدة بانتهاكات جسيمة لميثاق ومبادئ الأمم المتحدة وخاصة في استخدام القوة ضد الشعوب والدول الأعضاء في الجمعية العامة وخاصة تهديد الأمن والسلم الدولي ويتجلى ذلك في الدعم العسكري والسياسي اللامحدود من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي للعدوان الذي تشنه (إسرائيل) كدولة قائمة بالاحتلال على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والذي راح ضحيته أكثر من (10328) شهيد منهم (4237) طفل و(2719) امرأة و(631) مسن، وجرح وإصابة أكثر من (25956) مواطن، ودمر (40) سيارة إسعاف واستهدف (120) مؤسسة صحية، والذي يشكل انتهاكاً جسيماً لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي الإنساني وينذر بحرب إقليمية تهدد الأمن والسلم الدولي.

يؤكد مركز “شمس” على ضرورة احترام قرارات الأمم المتحدة الخاصة بحق الشعب الفلسطيني في النضال من أجل التخلص من الاحتلال وتقرير المصير وخاصة إعلان العلاقات الودية للأمم المتحدة الصادر بالقرار رقم (2625) لسنة 1970م والذي يحظر استخدام القوة ضد الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، وانتهاك لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (37/43) لسنة 1982م والذي أكد على شرعية نضال الشعوب من أجل الاستقلال والتحرر من الاستعمار واستخدام جميع الوسائل من أجل تحقيق ذلك بما فيها الكفاح المسلح، وقرار الجمعية العامة رقم (3236) لسنة 1974م والذي يؤكد الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وحقه في النضال والذي أكد على حقه في النضال من أجل تقرير المصير والتخلص من الاحتلال.

يشدد مركز “شمس” على أن الاستخدام المفرط للقوة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه المستمر على قطاع غزة  من شأنه أن يذكي ويعزز خطاب الكراهية والصراع في الشرق الأوسط بين شعوب المنطقة وفي العالم أيضاً، ويشجع على ظهور الايدولوجيات المتطرفة والتي تشكل تهديد للأمن والسلم والدولي، وأن استخدام القوة والتهديد بها يتعارض مع المبادئ السامية للأمم المتحدة والقرارات الدولية التي تؤكد على قيام دولة فلسطينية وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني لاسيما القرار(181) المؤرخ في 29/11/1947م والذي أقرته الأمم المتحدة كيوم دولي للتضامن مع الشعل الفلسطيني، وأن اعتراف هيئة الأمم المتحدة بإسرائيل كان من شروطه يجب أن يكون هناك دولة فلسطينية علماً بأنه ليس من صلاحيات هيئة الأمم المتحدة أن تنشئ دول وفق ميثاقها.

يرى مركز “شمس” أن تهميش الجمعية في مقابل سيطرة مجلس الأمن يعني ببساطة عدم إمكانية إحداث أي تغيير أو تطوير أو إصلاح داخل المنظمة الدولية، فمن باب أولى أن تتوازى وتتساوى الجمعية العامة ومجلس الأمن سيما في موضوع السلم والأمن، كي نستطيع أن نتحدث عن تغييرات بنيوية في هيكلية الأمم المتحدة .

وشدد مركز “شمس” على أن ميثاق الأمم المتحدة لم يطرأ عليه أي تغييرات أو تعديلات، لكن من الملاحظ أن انتهاء حالة الاستقطاب الدولي قد وضعت المنظمة الدولية تحت الأضواء من جديد ، وبدأ الحديث يدور عن ضرورة إحداث تغييرات جوهرية وأساسية داخل الأمم المتحدة، وبث الحياة بها من جديد كضرورة لما استجد عليه واقع النظام الدولي . فالأمم المتحدة ومنذ إنشائها حتى الآن لم تتطور بالشكل المطلوب، فالموضوع أساساً يعتمد على طبيعة كل قضية وظروفها المحيطة، والذي يتراوح بين الإدانة والشجب والاستنكار، ومناشدة الأطراف، والتحذير والوساطة والتوفيق، وفرض العقوبات واستخدام القوة العسكرية، أو أن دورها يتمحور في الخدمات الإنسانية. باختصار، فإن هذه المواقف للأمم المتحدة هي رهن بمواقف الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وبالأخص الموقف الأمريكي من هذه القضية أو تلك . إلى ذلك فإن موقف المنظمة الدولية ورد فعلها يعتمد أيضاً على الوسائل المتاحة لها، والتي يعتمد عليها مجلس الأمن في فرض الحلول على الأطراف المعنية .

يشدد مركز “شمس” أن التغيير المنشود إن لم يأت من داخل المنظمة الدولية ومؤسساتها القانونية، فإنه سيأتي في نهاية المطاف من داخل النظام الدولي القائم، وذلك استجابة لمتغيرات دولية جديدة، وعلى الرغم من بعض الإصلاحات التي أدخلت على المنظمة الدولية كتوسيع عضوية مجلس الأمن في النصف الأول من ستينيات القرن الماضي، إلا أن ذلك لم يغير من الواقع شيءً بعد أن بقيت القيمة القانونية لقرارات الجمعية العامة لا تتعدى التوصيات. وبالتالي فإن التغيير والتطوير في هياكل الأمم المتحدة المختلفة، يجب أن يبدأ من الميثاق، وذلك لاستيعاب مستجدات النظام الدولي ومتغيراته. فأصبحت هناك ضرورة إلى إعادة النظر ليس فقط في الميثاق، وإنما في الهيكل التنظيمي للأمم  المتحدة، حيث أن بعض الأجهزة الرئيسة التابعة للأمم المتحدة فقدت مبرر وجودها، وذلك بسبب انتهاء الدور الذي أنشئت من أجله في زمن كانت العلاقات الدولية مختلفة عما هي عليه الآن، وبالتالي أصبح وجوها لا فائدة منه بل لا معنى له كمجلس الوصاية. فالميثاق عبارة عن أداة دستورية قابلة للتعديل والتطوير، وبالتالي فإن مسؤولية التطوير والتغيير تقع على عاتق الدول الأعضاء في المنظمة  الدولية، وذلك من أجل قيامها بدورها المناط بها على أكمل وجه .

يؤكد مركز “شمس” على أن الواقع الدولي يشير إلى أن الأمم المتحدة ليست تعبيراً عن حالة ديمقراطية دولية، حيث أن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن لا تمثل أغلبية سكان. لذلك لا بد من توزيع صلاحيات حفظ السلم والأمن الدولي بين مجلس الأمن والجمعية العامة بشكل متوازن وديمقراطي وملزم، وهذا له أهمية قصوى في العلاقات الدولية خاصة عندما تقوم دولة عضواً دائماً في مجلس الأمن بتعريض السلم والأمن الدولي للخطر من خلال العدوان على دولة أخرى، وبالتالي فلو عرض هذا العدوان على مجلس الأمن لوأد مشروع القرار المقدم إلى مجلس الأمن في مهده بفعل استخدام ( الفيتو)، ولو كان الأمر مناط بالجمعية العامة لكانت القرارات أكثر قبولاً وموضوعية . ونحن نرى أنه لو كان هناك اختصاص فعلي للجمعية العامة على صعيد السلم والأمن الدولي لما حصلت صراعات وحروب بين الدول بهذه الكثافة والدموية لأن هناك الكثير من الدول التي لا ترى بالحرب طريقة للوصول إلى الهدف سيما وأن منطلقات ثقافية ترفض العدوان والحروب لرسم علاقات دولية جديدة.

كما أن عملية الإصلاح التي جرت منذ مطلع التسعينيات لا تعدو كونها إصلاحات إدارية وتنظيمية متمثلة بإلغاء أو استحداث أو دمج دوائر، أو إقالة موظفين غير أكفاء، وإعادة تنشيط هذه الدائرة أو تلك، ولكن لم يكن الإصلاح يوماً من الأيام يتطرق إلى غياب الديمقراطية عن كثير من مواد الميثاق . ومع ذلك يرى البعض أنه على الرغم من الانتقادات التي توجه إلى الأمم المتحدة وهيئاتها إلا أنها تبقى المكان الوحيد الذي يتيح للدول الأعضاء إمكانية الحوار والنقاش في مؤتمر أممي، من أجل توافق الآراء، باعتبارها المكان الذي تستطيع الدول من خلاله ممارسة الحياة الديمقراطية.

يطالب مركز “شمس” الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية وتصحيح الخطيئة والجريمة السياسية التي ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني من خلال الاعتراف بدولة إسرائيل بقرار التقسيم، والتأكيد على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة حرة ذات سيادة كاملة وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وإجبار إسرائيل كدولة قائمة بالاحتلال على إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة استناداٍ إلى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.