رام الله : قال مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس” إن ما يتعرض له قطاع غزة منذ السابع من هذا الشهر(تشرين أول 2023) من عمليات قصف واستهداف عشوائي من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي من الجو والبر والبحر واستهداف مباشر للمدنيين ، لا سيما الأطفال منهم ، هذا إلى جانب استهداف الممتلكات الخاصة والعامة والمستشفيات والمراكز الطبية والمؤسسات الخاصة والبنية التحتية بشكل مباشر أدى إلى سقوط الآلاف من الضحايا من المدنيين خاصة من الأطفال، علاوة على ذلك تقوم حكومة الاحتلال الإسرائيلي بمنع إدخال الغذاء والدواء إلى قطاع غزة، وقامت بقطع المياه والكهرباء والمحروقات عن قطاع غزة مما ينذر بكارثة إنسانية حقيقية بكل معانيها وتجلياتها، إذ يعتبر كبار السن والمرضى والأطفال كفئات ضعيفة الأكثر تضرراً من تلك الأعمال العدوانية والعقوبات الجماعية، يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وجريمة حرب يجب ملاحقة ومحاكمة المتورطين فيها، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
إن تلك الأعمال والاستهداف العشوائي للمدنيين في قطاع غزة وخاصة الأطفال منهم من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي هي أعمال موصوفة في القانون الدولي بأنها انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف الرابعة وللبرتوكول الاختياري الثاني الملحق باتفاقيات جنيف، والتي توفر حماية خاصة للأطفال في النزاعات المسلحة ذات الطابع الدولي والغير دولي كونهم من المدنيين وكونهم من الفئات التي لا تشارك في الأعمال الحربية وهي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إذ نصت المادة رقم (14) من اتفاقية جنيف الرابعة على ” يجوز للأطراف السامية المتعاقدة في وقت السلم، ولأطراف النزاع بعد نشوب الأعمال العدائية أن تنشئ في أراضيها، أو في الأراضي المحتلة إذا دعت الحاجة، مناطق ومواقع استشفاء وأمان منظمة بكيفية تسمح بحماية الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال دون الخامسة عشر من العمر، والحوامل وأمهات الأطفال دون السابعة، والمادة رقم (17) نصت على أن يعمل أطراف النزاع على إقرار ترتيبات محلية لنقل الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال والنساء من المناطق المحاصرة والمطوقة، والمادة رقم (24) والتي نصت “على أطراف النزاع أن تتخذ كافة التدابير الضرورية لضمان عدم إهمال الأطفال دون الخامسة عشر الذين تيتموا أو تفرقت عائلاتهم و أن تضمن رعايتهم وإعالتهم وتعليمهم “[1] . كما حدد مجلس الأمن الدولي ستة انتهاكات جسيمة ضد الأطفال في أوقات الحرب منها قتل الأطفال وتشويههم ، والهجمات على المدارس أو المستشفيات ، ومنع وصول المساعدات الإنسانية للأطفال.
وهي أيضاً انتهاك صارخ للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة1989م، التي تضمن حماية الأطفال وعدم تعرضهم للمخاطر وتوفير سبل العيش الكريم والأمان والرعاية لهم، إذ نصت المادة رقم(38) من الاتفاقية ” تتعهد الدول الأطراف بأن تحترم قواعد القانون الإنساني الدولي المنطبقة عليها في المنازعات المسلحة وذات الصلة بالطفل وأن تضمن احترام هذه القواعد، وتتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الممكنة عملياً لكي تضمن ألا يشترك الأشخاص الذين لم يبلغ سنهم خمس عشرة سنة اشتراكاً مباشراً في الحرب، وتمتنع الدول الأطراف عن تجنيد أي شخص لم تبلغ سنه خمس عشرة سنة في قواتها المسلحة، وعند التجنيد من بين الأشخاص الذين بلغت سنهم خمس عشرة سنة ولكنها لم تبلغ ثماني عشرة سنة، يجب على الدول الأطراف أن تسعى لإعطاء الأولوية لمن هم أكبر سناً، وتتخذ الدول الأطراف، وفقاً لالتزاماتها بمقتضى القانون الإنساني الدولي بحماية السكان المدنيين في المنازعات المسلحة، جميع التدابير الممكنة عملياً لكي تضمن حماية ورعاية الأطفال المتأثرين بنزاع مسلح.[2]
إن الاستهداف الواسع للأطفال في الأعمال العدائية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة يمثل انتهاكاً جسيماً لميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبناءً على عضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية فقد أصبح المجال مفتوحاً لتقديم شكاوى فردية من قبل أسر الضحايا لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين وتحريك دعاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، وكما تستطيع دولة فلسطين تقديم شكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي نتيجة ما تقوم به من جرائم بحق أطفال فلسطين وانتهاكها للقانون الدولي.
العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ينذر بوقوع المزيد من الضحايا في صفوف المدنيين الفلسطينيين، الأمر الذي يعني أن الأرقام مرشحة للزيادة كل ساعة، فعلى مدار أثنا عشر يوماً تضاعف عدد الشهداء والجرحى والمفقودين والنازحين إلى أعداد غير مسبوقة، بفعل آلة الحرب الإسرائيلية، إذ بلغ عدد الشهداء في قطاع غزة حتى صبيحة الخميس 19/10/2023 استناداً إلى إحصائيات وزارة الصحة في قطاع غزة، أن هناك أكثر من (3500) شهيد و(12000) جريح وما زال العدد مرشح للزيادة ، معظمهم من الأطفال والنساء، وذلك منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر الحالي.[3] وما زال العدد مرشح للزيادة وذكر مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة عن عدد الأطفال لمكتب الإعلامي الحكومي، أن عدد الشهداء الأطفال الذي ارتقوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الجاري، بلغ حوالي (1200) شهيد .[4]
إن استهداف الأطفال في قطاع غزة هو جريمة حرب مركبة ومكتملة الأركان تحدث أمام عيون العالم، الذي يرقب عن كثب الأوضاع الإنسانية والميدانية في قطاع غزة، دون أن يحرك ساكناً، ومن هنا فعلى المؤسسات الدولية ذات العلاقة التحرك العاجل والعمل معاً لإجبار دولة الاحتلال الإسرائيلي لوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة واحترام قواعد القانون الإنساني الدولي.
ففي ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها المدنيين وخاصة
الأطفال في قطاع غزة، فإن تلك الظروف تمثل
تجلياً واضحاً للانتهاكات الجسمية للقانون الدولي الإنساني وللقانون الدولي لحقوق
الإنسان، وإن ممارسات دولة الاحتلال الإسرائيلي هي اعتداء على الشرعية الدولية
والقيم الإنسانية، فدولة الاحتلال الإسرائيلي تنتهك أخلاقيات الحرب البرية، وقانون
لاهاي واتفاقيات جنيف بارتكابها جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وهي جرائم مكتملة
الأركان وتمثل انتهاكات جسيمة للقواعد الآمرة في القانون الدولي من خلال الإمعان
المستمر في استهداف الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع، المدنيين من الأطفال والنساء
والطواقم الطبية والمستشفيات والسيارات والمباني السكنية، والدعوة إلى إخلاء
المستشفيات من المرضى والأطفال الخدَج تمثل دعوة واضحة وصريحة للإعدام الجماعي
للمرضى والأطفال والمصابين بأمراض مزمنة الموجودين في تلك المستشفيات.
[1] – اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12 أغسطس1949م
[2] -الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة1989م.
[3] – عن الموقع الإلكتروني لصحيفة فلسطين بوست https://ppost.ps/post/4039/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%84%D8%A7-%D8%B2%D8%A7%D9%84%D8%AA
[4] -عن الموقع الإلكتروني لصحيفة فلسطين اون لاين https://felesteen.news/post/148049/853-%D8%B7%D9%81%D9%84%D8%A7-%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D9%82%D9%88%D8%A7-%D9%85%D9%86%D8%B0-%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%BA%D8%B2%D8%A9